أنت هنا

                                                                                               

أحد الابن الشاطر                  

صلاة الأنديفونا

يا إلهَ الرَّحمةِ والرأفة. يا مَن لا يشاءُ موتَ الخاطئ. بل يُريدُهُ أن يَتوبَ ويَحيا. نسأَلُكَ أن تُنيرِ علينا بوجهِكَ وتَرجِعَنا إليكَ. نحن الذين خَدَعهُمُ العدوُّ وعرَّاهُم من نعمتِكَ. وأنْ تُعيدَ إلينا الحُلَّةَ الأولى. وتَفتَحَ لنا أبوابَ رحمتِكَ الواسعة. فندخُلَ ديارَكَ مع المختارين. ونُسبِّحَ عِزَّتكَ على الدَّوام

لأنّك أرسلْتَ ابنكَ الوحيد غُفرانًا للعالمين. وبه نرفعُ إليكَ المجد والشُّكرَ والسجود. أّيُّها الآبُ الأزليُّ. وإلى روحِكَ القُدُّوسِ الصَّالحِ والمحيي. الآن وكلَّ أوانٍ وإلى دهر الدّاهرين. آمين

نشيد القيامة \ باللحن الثاني:

لمَّا نزَلتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الخالِدَة، أَمتَّ الجحيمَ بِسَنى لاهوتِكَ. ولمَّا أَقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثرى، صرختْ جميعُ قوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ إلهُنا، يا مُعطيَ الحياة، المجدُ لك.  

نشيد شفيع الكنيسة:

 

قنداق الختام { دخول السيد إلى الهيكل} \ باللحن الأول:

أيُّها المسيحُ الإله، يا مَن بمَولِدِهِ قدَّسَ المُستَودَعَ البَتوليّ. وبارَكَ يَدَيْ سِمعانَ كما يَليق. لقد بادَرتَ الآنَ أَيضًا وخلَّصْتَنا. فاحفَظْ رعيَّتَكَ بسلامٍ في الحروب. وأيِّدِ المؤمنينَ الذينَ أَحبَبْتَهُم، أَيُّها المُحِبُّ البشرِ وحدَكَ.

مقدمة الرسالة:{ الابن الشاطر 1 كورنثس 6: 12-20 }

لتَكُن يا ربُّ رحمتُكَ علَينا، بحَسَبِ اتِّكالِنا عليك.

ابتَهِجُوا أيُّها الصِّدّيقونَ بالرَّبّ، بالمُستَقيمينَ يَليقُ التَّسبيح

فصلٌ مِن رِسالةِ القِدِّيس بُولسَ الرَّسولِ الأولى إلى أَهلِ كُورِنثُس

يا إخوَة، كُلُّ شيءٍ يَجوزُ لي، ولكن ليسَ كُلُّ شيءٍ يَنفَع. كلُّ شيءٍ يَجوزُ لي، ولكن لا يتسلَّطُ عليَّ شيءٌ * إنَّ الأطعِمةَ للجَوفِ والجَوفَ للأطعمة. وسَيُبيدُ اللهُ هذا وتِلك. أَمَّا الجسدُ فليسَ للزِّنى بل للرَّبّ. والرَّبُّ للجسد * واللهُ قد أقامَ الرَّبّ، وسَيُقيمُنا نحنُ أيضًا بقُوَّتهِ * أما تَعلَمونَ أنَّ أجسادَكُم هيَ أعضاءُ المَسيح؟ أفآخذُ أعضاءَ المَسيحِ وأجعَلُها أعضاءَ زانيَة؟ حاشى! * أَوَما تَعلَمونَ أنَّ مَنِ اقترنَ بِزانِيَة يَصيرُ معها جسَدًا واحدًا؟ لأنَّهُ قد قيل: يَصيرانِ كِلاهُما جسدًا واحِدًا * أمَّا الذي يَقتَرِنُ بالرَّبِّ فيَكونُ (معَهُ) روحًا واحِدًا * أهرُبُوا مِنَ الزِّنى. إنَّ كُلَّ خَطيئةٍ يَفعَلُها الإنسانُ هيَ خارِجِ الجَسد، أمَّا الزَّاني فإنَّهُ يُجرِمُ إلى جَسَدِه * أوَما تَعلَمونَ أنَّ أجسادَكم هيَ هيكَلُ الرُّوحِ القُدُس الذي فيكم، الذي نِلتموهُ مِنَ الله، وأنَّكم لَستُم لِأَنفُسِكُم؟ * لأنَّكم قدِ اشتُريتُم بثمنٍ كريم. فمجِّدوا اللهَ إذَن في جسَدِكُم.

هللويا: { الابن الشاطر: لوقا 15: 11- 32 }

 أَللهُ هو المُنتَقِمُ لي، ومُخضِعُ الشُّعوبِ تحتي

أَلمُعظِّمُ خلاصَ المَلِك، والصَّانعُ رحمةً إلى مسيحِهِ

فصل من بشارة القديس لوقا البشير

قالَ الرَّبُّ هذا المثل: إنسانٌ كانَ لهُ ابنان* فقالَ أصغَرُهُما لأبيه: "يا أبَتِ أعطِني نَصيبي مِنَ المال". فقَسَمَ بينَهُما أموالَهُ. وبَعدَ أيَّامٍ غَيرِ كَثيرةٍ جَمَعَ الابنُ الأصغَرُ كلَّ شيءٍ لهُ وسافَرَ إلى بَلَدٍ بَعيد. وبذَّرَ ما لَهُ هُناكَ عائِشًا في الخَلاعة* فلمَّا أنفَقَ كُلَّ شيءٍ لهُ، حَدثَت في ذلك البلَدِ مَجاعةٌ شَديدة. فأخَذَ في العَوَز* فذَهَبَ وانضَوى إلى واحِدٍ من أهلِ ذلك البَلَد. فأرسَلَهُ إلى حُقولِهِ يَرعى الخَنازير* وكانَ يَشتَهي أن يَملأَ بَطنَهُ مِنَ الخُرنوبِ الَّذي كانَتِ الخَنازيرُ تأكُلُهُ، ولَم يُعطِهِ أحَد* فرجَعَ إلى نَفسِهِ وقال: "كَم لأبي مِن أُجَراء يَفضُلُ عَنهُمُ الخُبز، وأنا أهلِكُ جُوعًا* أقومُ وأمضي إلى أبي وأقولُ له: يا أبَتِ. قَد خَطِئتُ إلى السماءِ وأمامَك. ولستُ مُستَحِقًّا بَعدُ أن أُدعى لكَ  ابنًا، فاجعَلْني  كأَحدِ أُجَرائِك". فقامَ وجاءَ إلى أبيهِ. وفيما هو بعيدٌ، رآهُ أبوهُ فتحرَّكتْ أحشاؤُه. وأسرَعَ وألقى بنَفسِهِ على عُنُقِهِ وقبَّلهُ* فقالَ لهُ الابن: "يا أبَتِ قد خَطِئتُ إلى السماءِ وأمامَك، ولَستُ مُستَحِقًّا بعدُ أن أُدعى لكَ ابنًا"* فقالَ الأبُ لعَبيدِه: "هاتُوا الحُلَّةَ الأُولى وألبِسوه. واجعَلوا خاتَمًا في يدِهِ وحِذاءً في رِجلَيهِ* وأتُوا بالعِجلِ المُسَمَّنِ واذبَحوه. فنأكُلَ ونَفرَح*. لأنَّ ابنيَ هذا كانَ مَيْتًا فعاش، وكانَ ضالاًّ فوُجِد". فطفِقوا يَفرَحون.

 وكان ابنُهُ الأكبَرُ في الحَقل. فلمَّا أتى وقَرُبَ مِنَ البَيتِ سَمِعَ أصواتَ الغِناءِ والرَّقص. فدَعا أحَدَ الغِلمانِ وسَألَهُ ما عَسى أن يكونَ هذا* فقالَ لهُ: "قد قَدِمَ أخوك، فذَبَحَ أبوكَ العِجلَ المُسَمَّن، لأنَّهُ لقِيَهُ سالِمًا"* فغضِبَ ولم يُرِدْ أن يَدخُل. فخَرَجَ أبوهُ وطَفِقَ يتضَرَّعُ إليه* فأجابَ وقالَ لأبيه: "كَم لي مِنَ السِّنينَ أخدُمُكَ ولَم أتعدَّ وَصِيَّتَكَ قَط. وأنتَ لم تُعطِني قَطّ جَديًا لأفرَحَ مَعَ أصدِقائي. ولمَّا جاءَ ابنُكَ هذا الذي أكلَ أموالَكَ مَعَ الزَّواني، ذَبَحتَ لهُ العِجلَ المُسَمَّن". فقالَ لهُ: "يا ابني. أنتَ معي في كلِّ حينٍ، وكلُّ ما هو لي هوَ لكَ* ولكن كانَ يَنبَغي أن نَتنَعَّمَ ونَفرحَ. لأنَّ أخاكَ هذا كانَ مَيِّتًا فعاش، وكان ضالاًّ فوُجِد".

العودة من المنفى: أحد ابن الضال        الأب الكسندر شميمان

نقرأ في الأحد الثالث من التهيئة للصوم إنجيل ابن الضال (لوقا 15: 11-32). يكشف لنا هذا الإنجيل مع ترانيم هذا اليوم، التوبة كعودة من المنفى. يخبرنا الإنجيل أن الابن الضال ذهب إلى بلاد بعيدة وهناك أنفق كل ما عنده. بلد بعيد. هذا هو التعريف الفريد الذي ينطبق على الإنسان الذي يرغب أن يقترب إلى الرب. والإنسان الذي لم يعش هذه الخبرة، ولو لفترة قصيرة، ولم يشعر أنه منفي وبعيد عن الله وعن الحياة الحقيقية، لن يفهم مطلقًا ما هي المسيحية. والإنسان الذي يشعر براحة تامة في هذا العالم وملذاته ولم يجرحه الشوق إلى حقيقة أخرى، لن يفهم ما هي التوبة.

كثيرًا ما نفهم التوبة كتعداد باردٍ و"موضوعي" للخطايا والتعديات، أو كإقرار بالجريمة أمام اتهام قضائي. وكثيرًا ما ننظر للاعتراف والحل من منظار قضائي. ولكن هناك شيء أساسي يهمل وبدونه يفقد الاعتراف والحل كل معنى وقوة. هذا الشيء هو بالضبط الشعور بالغربة عن الله، عن فرح الشركة معه والحياة الحقيقية فيه. إنه من السهل بالواقع أن نقرّ أننا لم نصم في الأيام المفروضة أو أهملنا الصلاة أو غضبنا. ولكنه شيء آخر مختلف بالكلية أن أدرك فجأة أنني دنسّت أو أضعت جمال حياتي الروحية، أنني بعيدًا جدًا عن بيتي الحقيقي، عن حياتي الحقيقية، وأن شيئًا ثمينًا وطاهرًا وجميلاً قد فقد في صلب حياتي. هذه هي التوبة، إنها الرغبة العميقة بالعودة، بالرجعة إلى البيت الضائع. لقد أعطاني الله مواهب عظيمة: أولها الحياة والقدرة على التمتع بها وجعلها مليئة بالمعنى والمعرفة والمحبة. وبالتالي أعطاني في المعمودية الحياة الجديدة في المسيح، موهبة الروح القدس، وسلام الملكوت الأبدي وفرحه. لقد أخذت معرفة الله وبه معرفة كل شيء والقدرة على أن أكون ابنًا لله. كل هذا أضعته. وكل هذا أضيعه في كل وقت ليس بخطايا أو تعديات محددة ولكن في خطيئة الخطايا وهي الانحراف عن حبي لله وتفضيلي "للبلد البعيد" على بيت الأب الجميل.

ولكن الكنيسة هنا، لتذكرني بما أهملت وأضعت. وبهذا التذكير أتذكر، كما يقول قنداق أحد الابن الشاطر " لمَّا نفَرتُ من مجدِكَ الأبويّ بغباوة، بذَّرتُ في الشُّرور الثَّروةَ التي أعطيتَنيها. لذلك أصرُخُ إليكَ كالابنِ الشَّاطر: خطئتُ أمامَك، أيُّها الآبُ الرؤوف، فاقبلْني تائباً واجعلْني كأحَدِ أُجَرائِك."

وعندما أتذكر، أجد في نفسي الرغبة للعودة والقدرة عليها... "سأعود إلى الأب الرؤوف صارخًا بدموع: إقبلني كواحد من أجرائك...". وهناك ميزة فريدة لأحد "الابن الضال" علينا أن نذكرها هنا، وهي أننا في السحرية وبعد ترتيل البوليوليون نرتل مزمور الحزن والحنين المزمور 136:

"على أَنْهارِ بابِلَ هُناكَ جَلَسْنا. فَبَكَينا عِنْدَما تَذَكَّرْنا صِهيون.

على الصَّفْصافِ في وَسَطِها. عَلَّقْنا كَنانيرَنا.

هُناكَ سَأَلَنا الذينَ سَبَوْنا نَشَائِد. والذينَ اقْتَادُونا تَرْنيمًا. أنْ: رَنِّموا لنا مِنْ تَرانيمِ صِهيون. كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنيمَ الرَّبِّ في أرضِ غُرْبَة؟

إنْ نَسِيتُكِ يا أُوْرَشَليم. فَلْتَنْسَني يَميني.

لِيَلْتَصِقْ لِساني بِحَلْقي إنْ لمْ أَذْكُرْكِ. إنْ لمْ أَضَعْ أُوْرَشَليمَ في ذُرْوَةِ فَرَحي...."

إنه مزمور المنفى، غنّاه اليهود أيام النفي في بابل عندما تذكروا أورشليم مدينتهم المقدسة. وهكذا أصبح نشيد الإنسان الذي يدرك أنه منفيّ، بعيد عن الله وإذ يدرك ذلك يصبح إنسانًا من جديد. فالإنسان في هذا العالم الساقط لا يمكن لشيء أن يشبعه بالكلية لأنه بطبيعته وبدعوته سائح يطلب المطلق. وهذا المزمور نرنّمه أيضًا مرتين في الأحدين الأخيرين قبل الصوم. وهو يكشف الصوم كسياحة ورحلة، كتوبة وعودة.

اعداد: ناصر شقور       [email protected]