أنت هنا

تاريخ النشر: 
الخميس, أبريل 30, 2020 - 13:35

المطران يوسف شرح أيقونتي النزول إلى الجحيم والقبر الفارغ.

اعلام الابرشية

 

تحدث سيادة المطران يوسف متى مطران الملكيين الكاثوليك عن قراءة أيقونتين نراهما في زمن القيامة، وهما أيقونة القيامة وأيقونة النزول إلى الجحيم. وذلك من خلال حديثه مع الزميل نبيل أبو نقولا في راديو مريم حول موضوع الزمن الخمسين، وقال إن الأيقونة هي تعبير عن أحداث في الكتاب المقدس، أو أنها لازمت قديسين عاشوا كلمة الله. والأيقونة هي الإنجيل الخامس لأنها تُكتب وليس تُرسم، يكتب كاتب الأيقونة الأحداث من خلال الألوان والتعابير والرموز التي تحتويها. وتحتل الأيقونة دورا كبيرا في البشارة. ونشاهد كثيرا من الأيقونات التي تزين الكنيسة الشرقية البيزنطية، وتمهد لنا الدخول في الكتاب المقدس، وننشئ علاقة مباشرة مع الشخصية الظاهرة فيها. الأيقونة هي وسيلة لا نتعبد لها ولكن للشخصية المقدسة التي تظهر فيها. وعندما نصلّي أمام الأيقونة فنحن نصلّي للشخص ذاته الذي يظهر فيها، خاصة يسوع المسيح والعذراء مريم. والأيقونة تجعلنا نحسّ الواقع لأننا نعيش في واقع من مكان وزمان، وهو واقع حياة الشخصية في الأيقونة.

ولفَتَ سيادته إلى أيقونة النزول إلى الجحيم وأيقونة القبر الفارغ، وذلك بمناسبة عيد القيامة والزمن الخمسين، وأضاف كثيرا ما نختلف بالتعبير عن اللوحتين ونربطهما بحدث القيامة. فأيقونة النزول إلى الجحيم تمثل حياة السيد المسيح في مراحله الأخيرة، والتعبير عنها يظهر بالسيد المسيح الذي نزل إلى الجحيم، ويقف على غمامة وحوله هالة بيضاء، ويمسك بيده آدم وحواء ويظهر معه عدد من آباء العهد القديم والأنبياء، مثل داود الملك. وفي الأسفل منظر كأبواب وسلاسل متكسرة، ويظهر في بعض الأيقونات شخص مقيّد بالسلاسل أو مفاتيح مكسرة، دلالة على انتصار المسيح على الموت، والذي داس الموت بالموت. أما الشخص المقيّد بالسلاسل فهو الشيطان الذي هُزم وقُهر في الجحيم بقيامة يسوع.

وجاء في رسالة القديس بولس الرسول إلى أفسس أن السيد المسيح، الذي صعد هو نفسه الذي نزل إلى أقاصي الأرض، وإلى ما تحت الأرض لكي يبشر الموتى، وهذا ما يذكره القديس بطرس في رسالته الأولى. ولذا عمل الآباء على تصوير الأحداث من خلال الألوان والرموز في الأيقونة.

ويقول الآباء إن الجحيم التي سُبيَت سُحقت متاريسها وهي الأبواب الدهرية التي كانت تمسك الأسرى الأموات، والذين انتظروا خلاص الله، كما يشير إلى ذلك يوحنا فم الذهب في عظته ليوم القيامة. وهذه الأيقونة نعرضها ونراها في السبت العظيم، وتكون الكنيسة مطفأة بلا أنوار ولا شموع رمزا لظلمة الجحيم، وبانتهاء هذه الرتبة الأولى نقول اليوم سُبيت الجحيم. وهكذا يحقّق يسوع انتصاره على الموت. وفي سَحَر الفصح، نقول إن يسوع نزل إلى أعماق الجحيم لكي يُخرج آدم، ويُنقذ الموتى من هناك.

ومضى سيادة المطران متى يقول، تعطينا هذه الأيقونة رموزا كثيرة أخرى نقرأها في الكتاب المقدس وفي صلواتنا بشكل غير مباشر. وكذلك في الرتب الطقسية يوم السبت. ونحن نرى الظلمة في الأسفل والنور في الأعلى، ويسوع هو النور الذي نزل إلى أقاصي الجحيم، ويمدّ يده ليخلّص آدم وحواء، وهما يرمزان إلى الإنسانية كلها.

أما أيقونة القبر الفارغ فهي تعبّر عن صفحات إنجيلية، ونرى فيها مريم المجدلية بحسب إنجيل يوحنا، جاءت لتزور القبر فرأت ملاكين بثياب بيضاء، جالسَين حيث وُضع يسوع، أحدهما عند الرأس والآخر عند القدمين. والمجدلية تظهر في أيقونة أخرى مع يسوع النور، وتظن أنه البستاني. وفي الوقت نفسه تحمل أيقونة أخرى ذات الاسم، ولكنها تمثّل النسوة حاملات الطيب. ونرى بهذه الأيقونة أحيانا ثلاث نساء أمام القبر الفارغ والحجرَ مدحرجا عن بابه. ولذا يظهر حدث القيامة بعدة أيقونات، القبر الفارغ ومريم المجلية مع الملاكين، والقبر الفارغ مع حاملات الطيب والملاك الذي بشرهن بالقيامة. وهناك أيقونة أخرى نرى فيها يسوع صاعدا، والحراس ساقطون على الأرض كالأموات. حتى لو تَبَين لنا أنه قد هناك اختلاف بالأيقونات، لكنها تتمحور كلها في حدث القيامة. يسوع قام، ونعرف أنه في أول الأسبوع كان القبر فارغا والحجرُ مدحرجا ويسوع ليس بداخله. القيامة تظهر بالأناجيل بحسب كتابتها، لأن متى مثلا كتب بحسب عقلية اليهود، ولذا كتب إنجيله لليهود، وأول من بشّر بالقيامة هن النساء، إن كانت مريم المجدلية أو حاملات الطيب. ورغم أن أحدا لم يشاهد يسوع قائما وصاعدا من القبر، لكن هناك شهادات في الكتاب المقدس تدلّنا على هذا الحدث.

وأكد سيادة المطران متى على أن أحداث القيامة مختلفة في وقائعها، ولكنها تصب كلها بحقيقة واحدة أن يسوع قام. وهذا واضح في الإنجيل، ويظهر في الأيقونات أيضا. كما أن حواء الأولى أخرجت آدم من الفردوس، وكانت سبب الأم والموت، ولكن سيأتي مِن نسلها مَن يسحق رأس الحية، فجاءت حواء الجديدة، مريم، وبطاعتها لمشيئة الله بالخلاص. وهذه هي البشارة التي تحققت عن طريق النسوة حاملات الطيب، وهؤلاء يمثلن حواء أيضا، والوعد الذي تمّ لحواء قديما، أحضرته حواء الجديدة وحواء النساء.

في كل إنجيل نجد تفصيلا من القيامة، وتظهر التفاصيل في الأيقونات المتعددة التي نقرأها. ويمكننا أن نقرأ الأيقونة بالبصر وليس بالنظر فقط، وينبغي أن نقرأها بإيمان لنبصر كافة نواحيها وجوانبها، وكأننا نقرأ الكتاب المقدس. فمريم المجدلية كانت تبكي، بينما مريم الأخرى، وهي أم يسوع عاشت بفرحٍ لقيامة ابنها. ونستخلص أنه يجب قراءة الأيقونات بإيمان لنصيح شهودا للقيامة. ونحن نشهد على ذلك.

إن تحيتنا الفصحية، المسيح قام، والرد حقا قام، ونحن شهود على ذلك، هذا يتطلب منا أن نعي التغيير الذي تم في حياتنا من خلال نعمة القيامة التي أعطانا إياها يسوع في قيامته، وهي لكل فرد منا. وأضاف لقد قال لنا يسوع لا تخافوا أنا معكم وأرشدتكم إلى الطريق كي تتبعوها. وينبغي أن نكون مسؤولين عن حياتنا واحتفاظنا بالنعمة ونعيشها. ويجب أن نمارس هذه الحياة ونتبع المسيح بنوره الذي أعاطانا إياه، ونكون شهودا وملحا للأرض، وننتقل من الظلمة إلى النور لتظهر أعمالنا في النور. وهي دعوة لكل إنسان ليكن شاهدا على حقيقة إيمانه في حياته اليومية.

وتابع سيادته قائلا، إن سلوكنا إنسانيا مع من يحيط بنا، يجب أن ينطلق من مبادئنا المسيحية، والتي تقتضي السلوك بموجب ما علمنا إياه يسوع في الإنجيل. وأهمها محبة الآخر، عن طريق مساعدتنا له. وهذا نابع من الإيمان، ولكن الإيمان بدون عمل غير كاف ولا قيمة له، بل نعمل ما يقول القديس يعقوب في رسالته "أرني إيمانك في أعمالك".

ومضى يقول، أن تكون شاهدا هذا يعني اجتياز تحديات عديدة، وقد نخشى التعبير عن إيماننا بطرق معينة، لأسباب عديدة. ومن أهمها العولمة والتطورات التي نمرّ بها كلنا، ولا بد أن نجد أشخاصا بيننا لديهم الحضور والاستعداد التام للخدمة في الكنيسة وبين المؤمنين.

وأضاف أن الكنيسة التي نعيشها هي كنيسة رسولية، ومؤسسة على بُعدين، الأول تعاليم الرسل ومَن جاء بعدهم، وثانيا أن تكون أنت مدعو للرسالة لأجل يسوع، كما أعطاها للرسل. وحضور الله في حياتنا لذا فإن إيماننا وتعاليمنا معتمدة على الرسل.

وتحدّث سيادته عن اليوم الأربعين، وهو يوم صعود الرب إلى المجد الذي كان فيه قبل تجسده. وقال، صلى يسوع وقال "يا أبتي مجدني بالمجد الذي عندك قبل إنشاء العالم، وهذا يدلنا على أن الله الآب تكلم وقال ليكن نور، ويسوع هو الوسيلة التي خلق الله العالم بها. وتجسدت الطبيعة، وتكوّن العالم، وبغيره لم يكن شيئا مما كوّن. كلمة الله يسوع المتجسد هو الخالق أيضا لما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض