أنت هنا

تاريخ النشر: 
الجمعة, أبريل 17, 2020 - 15:05
 

حديث وتأملات روحية في زمن الخمسين لسيادة المطران يوسف متى راعي الأبرشية العكاوية 

 

 

في راديو مريم الناصرة – اللقاء الثاني

قال سيادة المطران يوسف متى مطران الملكيين الكاثوليك خلال تأمله اليومي في راديو مريم الناصرة، إن الأسبوع الأول يبدأ من أحد القيامة، وهو بداية عهد جديد وتكوين جديد من خلال إنجيل يوحنا الذي يعلن من هو القائم من بين الأموات. هو كلمة الله المتجسد، الذي أخذ جسدا وسكن بيننا ورأينا مجده. فهذا المجد هو مجد القيامة وخلاص الإنسان. وهذا الأسبوع هو أسبوع التجديدات الذي أراد فيه الله ان يجعل كل شيء جديدا. 

ومن الشهادات التي تختم هذا الأسبوع هو أحد توما، وقبله وردت عدة شهادات لتأكيد حقيقة الإيمان بيسوع المسيح. والتطويب طوبى للذين آمنوا ولم يروا، يقصدنا نحن الذين آمنا، والذين سبقونا والذين سيأتون بعدنا. والشهادة الأخرى هي شهادة مريم المجدلية التي رأت يسوع واعتقدت أنه البستاني، وتأكدت منه بعد أن عرّفها باسمها، ثم سائر النسوة اللواتي قال لهن الملاك اذهبن وبشرن. والشهادات تدل على حقيقة وجود المسيح بعد القيامة. والتلاميذ أنفسهم آمنوا بيسوع حتى قبل تسليمه ليصلب، وهم شهود على ذلك. إضافة إلى بعض النبوءات التي قالها لهم عن آلامه وموته وقيامته. 

اما الظهور الثاني الذي حدث في أحد توما وسط التلاميذ والأبواب مغلقة، والمرة الأولى لم يكن توما معهم. وهو قال لن يؤمن إلا بعد التأكد من رؤية المسيح ووضع يده مكان المسامير وفي جنبه. وهذا الأمر ينعكس علينا، إذ نريد التحقق بعد الشك. توما طلب المعجزة قبل الإيمان بينما التلاميذ كانوا يؤمنوا قبل المعجزة. وعندما قال أنت ربي وإلهي آمن، وكان مثالا لكل إنسان يطلب من الله أعجوبة أو علامة. فالأعجوبة هي نتيجة الإيمان وليس العكس. 

والإيمان هو العلاقة الحقيقة والقناعة بالسيد المسيح القائم من الموت، كما نعتبر من توما بأننا لم نشاهد حدث القيامة ولا القائم، ولكن آمنا. وهذا إيمان يتخطى الزمن والمكان وعقل الإنسان وحواسه، وما فعله توما كان اختبارا لنا بالعلاقة بيننا وبين السيد المسيح. ونحن نؤمن أن الله حاضر معنا بيسوع المسيح، ونحن نعترف بأن يسوع هو إله ورب. 

وهذا امتداد لحدث القيامة، أننا ننشغل اليوم بأمور أخرى كتلميذي عمّاوس، ولم ينتبها ليسوع السائر معهما، وكثيرا ما يغيب عنا حضور يسوع بحياتنا لانشغالنا بما هو بعيد عن علاقتنا بيسوع. ونفكر بمجالات الحياة التي تسرقنا عن يسوع، وننسى قيمة حياتنا. وأحد التجديدات فرصة لإعادة تقييم حياتنا من جديد. فتغيير الإنسان ونموه وعلاقته المتجددة مع يسوع، تعتبر اعجوبة، لأنها تؤدي إلى التغيير وبناء علاقة صحيحة مع الخالق، والتغيير من السلبية إلى الإيجابية في الحياة. نحن بحاجة لهذا التجديد في حياتنا اليومية. ويسوع يذكرنا كل سنة بهذه الأحداث كي نعود إليه من خلال الأعياد والاحتفالات الدينية. 

إن يسوع بقي مع تلاميذه أربعين يوما وأربعين ليلة، يعلمهم كل ما يتعلق بالملكوت، حتى يستعدوا للبشارة وينطلقوا إلى العالم. وطلب منهم انتظار موعد حلول الروح القدس. وفي اليوم الأربعين صعد عنهم، في عيد الصعود. والأربعين تذكرنا بالسنوات الأربعين في الصحراء، وصيام يسوع لأربعين يوما.

والسؤال المطروح أحيانا هل كان يسوع مع تلاميذه ويتراءى لهم أم كان في مكان ما؟

والجواب على هذا السؤال يقودنا إلى إن جسد المسيح، كما يعرّفه آباء الكنيسة، جسد نوراني بعيد المادية والحس. وهذا الجسد أخذ حيزا خاصا به، وبعد القيامة يدخل فيها جسم الإنسان روحا بعيدة عن الخطيئة وتشويه صورته الحقيقية المماثلة لله. ويسوع حي موجود، وأكل معهم السمك، وهم ظنوا أنه خيال. والكتاب المقدس لا يذكر بوضوح أين كان. ويجب أن يكون إيماننا بيسوع قويا كي يتراءى لنا. ويعجز العقل البشري استيعاب هذا الحدث، لكن هذا يعتمد على كلمة الإيمان. إيمانك خلصك فاذهب بسلام، إيمانكِ خلصكِ فلا تعودي للخطيئة. والإيمان هو اكتشاف يسوع في حياتي، وحينها أراه، ليس بحضور فعلي مادي ومحسوس بل في ذهني وفكري وحياتي.    

وكان سيادة المطران يوسف متى يتحدث في راديو مريم الناصرة مع الزميل نبيل أبو نقولا مدير البرامج.