أنت هنا

تاريخ النشر: 
الاثنين, ديسمبر 14, 2020 - 09:45

اعلام المطرانية 

"بطريرك الشعب" فيلم تلفزيوني يستعرض الفكر الروحي والمعنوي والأدبي والسياسي لغبطة البطريرك المتقاعد السابق ميشيل صباح، أول بطريرك عربي في القدس منذ ديسمبر 1987 وحتى خروجه للتقاعد عام 2008 لبلوغه السن القانونية.
 البطريرك صباح يعرض في هذا الفيلم رؤياه للأوضاع المعيشية، وأحوال الشعب الفلسطيني، الذي هو واحد منه، من منظار خاص ومميز، إذ قال: "أنا لست سياسيا، ولا محاربا ولا مناضلا، بل أنا رجل دين مسيحي، ومسؤول عن رعية، وهي مسؤولية الراعي الشاملة للإنسان الفلسطيني. وبما أن الفلسطيني واقع تحت ظلم الاحتلال فأجد نفسي مسؤولا عن رعيتي".
يتساءل غبطته عما يقلق الفلسطيني، المنقسم بين غزة والقدس، والمنقسم بين المدن والقرى في المنطقة الواحدة بالجدار، فهل أسدل الستار على فلسطين؟ ويجيب: "نحن نجتاز أسوأ الأحوال، فهل سنشهد مرحلة أكثر سوءا؟ قال لنا حكام الأرض، إسرائيل وأميركا، يوم أزالوا قناع حقيقتهم: لن تكون لكم دولة، وليس لكم حق في الوجود.. 
ولكننا شعب له سيادة، ويجب أن نكون أسيادا على هذه الأرض.. هكذا وعدنا الرئيس عرفات عندما جاء عام 1993. وبناء على اتفاقية أوسلو الدولية، عام 1999 كان الوعد أن تُعلن الدولة وتنتهي المشاكل، ولكن الدول وإسرائيل لم تحترم تواقيعها ولا وعودها، وفرضت إسرائيل الحصار عليه، كان يجب أن يدخل كرئيس دولة، وليس كرئيس منظمة التحرير. دمّروا العراق، وسوريا والشرق الأوسط كله لكي يخلقوا شرق أوسط جديدا، ولم يهتموا بالوجود المسيحي فيه، بل أغلقت أميركا كل أبواب السلام مع فلسطين. القدس ليست مقدسة، بل هي مدينة الكراهية والحرب، ولن تعود مقدسة إلا إذا أصبحت مدينة محبة". 
العالم كله متفق ومتآمر علينا، فكيف سنخلّص أنفسنا؟ يتساءل غبطة البطريرك صباح، ويؤكد: "علينا أن نكون جدّيين، ونربّي أبناءنا ليصبحوا ذوي كفاءات مبنية على المحبة، وأن نعتمد على ثلاثة أسس: الأمل والبقاء وعدم الهرب. علينا استخدام طاقاتنا العقلية ونفكّر بالخروج إلى مرحلة جديدة بعد مرور أكثر من سبعين عامًا على قضية فلسطين. ولنفكر في أمر مصيرنا ومستقبلنا، إذا أنا موجود اليوم فبالتأكيد سأكون موجودا غدا. وألا يغلبني اليأس والإحباط، ليبقى لدي الأمل بأني أستطيع التغيير نحو الأفضل". 
هذه الرؤيا، يستعرضها غبطته بألم وحسرة، وقد اختلى أمام ربّه، لأنه رجل صلاة، ويحوّل حياته وحياة الشعب كله إلى الله، ويضعها بين يديه ويقول له: "تطلّع من السماء وانظر، لماذا تسمح بكل هذا؟ الناس يظلمون ويموتون، أبناؤك خليقتك.. اللهمّ احمِ واهدِ البشرية كلها.. ونحن نضع كل شيء بيد الله تعالى، ونقول له انظر ماذا ستفعل أنت دبّر خليقتك". ويقف في كنيسة البكاء على القدس، حيث وقف السيد المسيح، ويردد كلماته قائلا: "لقد بكيت يا يسوع على القدس، وما زلنا نبكي عليها فاملأها بحبك يا رب.. آمين". 
لقد أحسنت الدكتورة ليلى حبش صنعًا بإنتاجها هذا الفيلم القيّم، كما أبدع المخرج محمد العطار بعرض صورة صادقة وعميقة لبطريرك الشعب ميشيل صباح. 
هذا الفيلم جدير بالعرض في كافة قنوات التلفزة في العالم، فهو يضع فكر البطريرك صباح فيما يجري على أرض الواقع، ونظرته نحو المستقبل إزاء تطلعات الشعب الفلسطيني بكامله، في فلسطين وفي الشتات والمهجر..  
البطريرك صباح:
ولد في الناصرة عام 1933، سيم كاهنا في 1955، حصل على الدكتوراة باللغة العربية من جامعة السوربون في فرنسا، ثم عيّن رئيسا لجامعة بيت لحم عام 1980. وضع قداسة البابا يوحنا بولس الثاني يديه على رأسه عام 1987 وعيّنه بطريركا للقدس، كأول عربي يشغل هذا المنصب منذ 500 عام. وفي 2008 صادق البابا بندكتوس على استقالة البطريرك صباح بعد بلوغه السن القانونية 75، وهو يعيش في القدس.. إلى سنين كثيرة يا سيد. 
نايف خوري