أنت هنا

تاريخ النشر: 
الخميس, يونيو 25, 2020 - 10:07

الكنيسة من شافي تسيون

بقلم د.كميل ساري

خلال سنوات الخمسينات من القرن العشرين تم العثور على بقايا كنيسة تاريخها الفترة البيزنطية، بالقرب من الإستيطان المعاصر "شافي تسيون" (الى الجنوب من خربة الملاحة). بالقرب من الكنيسة تم العثور على بئر ماء وبقايا إستيطان تاريخ بدايته يعود الى الفترة الرومانية.

الموقع

تتواجد الكنيسة الى الغرب من "شافي تسيون" على ضفة وادي المجنونة بالقرب من شاطئ البحر (الصورة رقم 1 – موقع الكنيسة في شافي تسيون). وفقا للمصادر التاريخية، تواجدت في الموقع قرية والتي عُرفت بالإسم "نيئة كوما" (NEA COME) ومعناها "القرية الجديدة". وقد رجح الباحث أن القرية بنيت خلال الفترة الهيلينية (القرن الرابع ق.م) كقرية صيادين، حيث استمر الإستيطان فيها حتى الفترة البيزنطية (القرن السابع ميلادي).

جرت الحفريات الأثرية الأولى عام 1955، والتي كشفت عن آثار الكنيسة، بئر إرتوازية والبعض من المبان التابعة للفترة الرومانية (الصورة رقم 2 – رسم توضيحي لشكل الكنيسة). لاحقا أجريت العديد من الحفريات وأعمال الصيانة والترميم: عام 1970 تم ترميم جزأ من أرضية الفسيفساء بمبادرة من قسم الآثار. لاحقا، عام 1995 تم إخراج ثلاث من أرضيات الفسيفساء من الموقع بسبب تدهور وضعها ورُممت في مختبرات سلطة الآثار في القدس. أما إعادة التأهيل في الموقع واسترجاع أرضيات الفسيفساء إليه فقد تمت عام 1997 وعان 1998.

عام 1999 قامت سلطة الآثار بإجراء حفريات صغيرة في مبنى الكنيسة (في القاعة المركزية) ذلك بهدف إعادة أرضيات الفسيفساء بعد الترميم الى الموقع. كشفت الحفريات عن ثلاث طبقات من الإستيطان، حيث أشارت الى أن بداية الإستيطان في الموقع تعود الى الفترة الفارسية (القرن الخامس قبل الميلاد). لاحقا، إستمر الإستيطان في الموقع الى الفترة الهيلينية (القرن الرابع قبل الميلاد). أما الطبقة الثالثة من مراحل الإستيطان فقد تم تحديد تاريخها الى الفترة البيزنطية (القرن الرابع ميلادي) حيث شملت المكتشفات طبقة من الرمال التي وضعت آنذاك لتكون طبقة الأساس عليها بنيت الكنيسة.

مبنى الكنيسة وأهميته

تتواجد الكنيسة من الفترة البيزنطية مباشرة على شاطئ البحر. يعتبر هذا موقعا مميزا فهي بالقرب من الطريق التجاري الذي كان مارا خلال العصور القديمة ما بين عكا وشمال البلاد، كما أنها تتواجد في منطقة ذو جمال طبيعي خلاب يجمع ما بين البحر والسهل والتلال المجاورة.

بنيت الكنيسة على تلة من الصخر الرملي وهو يتواجد في حال مستمرة من التدهور بسبب الشتاء والحرارة في الصيف، مما يؤثر سلبيا على حال الكنيسة وأرضيات الفسيفساء التي فيها. الى الشمال من الكنيسة يتواجد وادي المجنونة وعلى ضفته الشمالية تتواجد خربة الملاحة.

بُنيت الكنيسة خلال القرن الرابع ميلادي، ويمكن أن نميز فيها مرحلتان من البناء. وفقا للحفريات الأثرية فقد تضررت الكنيسة وهُدمت إثر حريق شب فيها خلال نهاية القرن السادس أو بداية القرن السابع ميلادي. اما أرضيات الكنيسة فقد زُخرفت بالفسيفساء الملون والذي يشمل رسمات أشكال هندسية (الصور رقم 3).    

للكنيسة أهمية من حيث الفن المعماري، إذ أنها تبرز البعض من الفنون المعمارية والهندسية التي استعملت خلال الفترة البيزنطية، وقد حاول البنائون إعطاء المبنى أهمية وعظمة بارزة جدا. على سبيل المثال فالدخول الى الكنيسة من الغرب، كان عبر أدراج وصلت ما بين الساحة المنخفضة أمام الكنيسة (الصورة رقم 4)، صعودا الى القاعة الرئيسية التي قسمها صفان من الأعمدة الى قاعة مركزية ورواقان (الصور رقم 5: القاعة المركزية تقسمها صفان من الأعمدة).

أما من ناحية الإستيطان القديم، فالكنيسة هي الدليل الوحيد على الحياة في الموقع خلال الفترة البيزنطية إذ لم تجرى العديد من الحفريات بالقرب منها. وهي دليلا مباشرا لقرية الصيادين التي تأسست في الموقع خلال الفترة الهيلينية (القرن الرابع قبل الميلاد) ووصلت الى قمة ذروتها خلال الفترة البيزنطية مع بناء الكنيسة.

يجدر الذكر أن الكنيسة في حال متدهور من الصيانة وهي بحاجة الى أعمال ترميم وتأهيل، غير أنه لا توجد جهات مسؤولة لتقوم بتلك الأعمال. خلال أعوام التسعينات قامت سلطة الآثار بترميم أرضيات الفسيفساء وإعادة تأهيلها، غير أنها بحاجة الى أعمال صيانة مستمرة على امتداد السنة.

للحفريات الأثرية التي أجريت عام 1999 بيد سلطة الآثار أهمية كبرى فقد أشارت الى بداية الإستيطان من الفترة الفارسية وليس كما معتقدا سابقا أنه يعود الى الهيلينية. كذلك، فقد أجلت الحفريات بمعلومات عن التقنيات التي استعملت لبناء الكنيسة خلال الفترة البيزنطية مما سيساهم في صيانتها والحفاظ عليها خلال أعمال التأهيل والصيانة.