أنت هنا

تاريخ النشر: 
الثلاثاء, مارس 16, 2021 - 07:47

القائمة:

الفاتيكان نيوز 

ان  بلد الشرق الأوسط المعذّب، الذي لم تهزّه فقط في الآونة الأخيرة مأساة الحرب والعنف، يواصل البحث، بين صفحات المعاناة اليومية، عن الطريق إلى السلام. نستعيد معًا بعض خطابات ورسائل البابا فرنسيس حول الوضع السوري على مر هذه السنين. تستعد سوريا لاستقبال الذكرى العاشرة للصراع الذي اندلع في الخامس عشر من آذار مارس عام ٢٠١١. إنَّ الحصيلة فادحة للغاية: أكثر من ٤٠٠ ألف ضحية و١٢ مليون نازح و١٢، ٤ مليون شخص أي ما يقارب الـ ٦٠ بالمئة من الشعب قد تضرّروا بسبب انعدام الأمن الغذائي. ولكن حتى في هذا الظلام الحالك، يتم البحث عن نور السلام الحقيقي. "السَّلامُ ليسَ فيهِ غالِبونَ وَمَغْلُوبون، بَلْ إخْوَةٌ وأَخَوات، يَسيرونَ مِنَ الصِّراعِ إلى الوَحْدَة، رَغْمَ سُوءِ التَفاهُمِ وَجِراحِ الماضي. لِنصَلِّ وَلنَطلُب هذا السَّلامَ لِكُلِّ الشَرقِ الأوسَط، وَأُفَكِّرُ بِشَكلٍ خاصّ في سوريا المُجاوِرَة المُعَذَّبَة... لَنْ يَكونَ هناك سَلامٌ بِدونِ مُشارَكَةٍ وَقُبولِ الجَميعِ لِلجَميع" في هذه الكلمات يتركز الرجاء الأكبر لسوريا، عبر عنه البابا فرنسيس في السادس من آذار مارس خلال اللقاء بين الأديان في مدينة أور الأثريّة في العراق في أرض إبراهيم. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد يومين، في الثامن من آذار (مارس)، أثناء رحلة العودة من بغداد إلى روما، ذكّر البابا فرنسيس بمعاناة الشعب السوري. وشكر بشكل خاص البلدان السخيّة، بما في ذلك لبنان، التي تستقبل المهاجرين وعاد بالذاكرة إلى عشيّة الصلاة من أجل سوريا في السابع من أيلول سبتمبر عام ٢٠١۳ وقال: " أتذكر في بداية حبريتي عصر ذلك اليوم عندما تُليت الصلاة في ساحة القديس بطرس. كانت هناك صلاة مسبحة الوردية، والسجود للقربان المقدس. وكم من المسلمين الذين افترشوا الأرض ليصلوا معنا من أجل السلام في سورية، من أجل وقف القصف، في وقت كان يتحدث فيه البعض عن قصف عنيف متوقع. إني أحمل سورية في قلبي". الحوار والأخوة هما السبل التي يجب اتباعها للقضاء على آفة الحرب. ففي صلاة التبشير الملائكي في التاسع من شباط فبراير عام ٢٠٢٠، تذكّر البابا "سوريا الحبيبة والمعذبة" وجدد نداءه الصادق إلى الجماعة الدولية وجميع الأطراف المعنية للّجوء إلى الوسائل الدبلوماسية والحوار والمفاوضات في احترام القانون الدولي الإنساني، وذلك من أجل حماية حياة ومصائر المدنيين. وطلب الأب الأقدس من الجميع مشاركته الصلاة من أجل سوريا الحبيبة والمتألمة. في عام ٢٠٢٠ أيضًا، أثناء زيارته إلى باري بمناسبة اللقاء حول البحر الأبيض المتوسط ​​كحدود سلام، أطلق الحبر الأعظم نداءً جديدًا لسوريا في صلاة التبشير الملائكي. في عام ٢٠١۹ ذكّر البابا فرنسيس بمأساة سوريا في كلمته في صرح زايد المؤسس في أبو ظبي وقال: "إن الأخوّة البشريّة تتطلّب منّا، كممثّلي الأديان، واجبَ حظر كلّ تلميح إلى الموافقة على كلمة "حرب". دعونا نعيد هذه الكلمة إلى قسوتها البائسة. فأمام أعيننا نجد نتائجها المشؤومة. أفكّر بنوع خاص باليمن، وسوريا والعراق وليبيا. لنلتزم معًا، كأخوة في العائلة البشريّة الواحدة التي شاءها الله، ضدّ منطق القوّة المسلحة، ضدّ تقييم العلاقات بوزنها الاقتصادي، ضدّ التسلّح على الحدود وبناء الجدران وخنق أصوات الفقراء". لا يمكن أن يبقى المرء غير مبال بمعاناة الشعب السوري، والأطفال السوريين. ففي كلمته مخاطبًا المشاركين في اجتماع العمل حول الأزمة في سوريا والدول المجاورة في عام ٢٠١٨، ذكّر البابا فرنسيس أنه "لسنوات عديدة، أدمت النزاعات تلك المنطقة وأن حالة السكان في سوريا والعراق وفي البلدان المجاورة لا تزال تثير قلقا كبيرا"، وأضاف "كل يوم، في الصلاة، أحمل أمام الرب معاناة واحتياجات كنائس وشعوب تلك الأراضي الحبيبة، وكذلك جميع الذين يبذلون قصارى جهدهم لمساعدتهم". وفي رسالته لمدينة روما والعالم بمناسبة عيد الميلاد سنة ٢٠١٧ قال الأب الأقدس "نرى يسوع في وجوه الأطفال السوريين، المتأثرين بالحرب التي أدمت البلاد خلال هذه السنوات. لتتمكن سورية الحبيبة من استعادة الاحترام تجاه كرامة كل شخص من خلال التزام مشترك في إعادة بناء النسيج الاجتماعي بغض النظر عن الانتماءات العرقية والدينية". تعاني سوريا منذ سنوات من آلام لا توصف، يسببها الشر الذي، وقبل كل شيء، يدمر الضمائر، وبهذه الكلمات افتتح البابا فرنسيس رسالته في عام ٢٠١٦ بمناسبة حملة كاريتاس الدولية من أجل السلام في سوريا إذ قال: "أرغب اليوم في أن أكلّمكم عن شيء يُحزن قلبي كثيرًا: الحرب في سوريا، والتي دخلت الآن عامها الخامس. إنها حالة من المعاناة التي لا توصف ضحيتها الشعب السوري، المُجبر على العيش تحت القنابل أو على إيجاد سبل للهروب إلى بلدانٍ أخرى أو مناطق في سورية أقل تضررًا من الحرب: إلى ترك منازلهم وكل شيء..." وخلال استقباله في عام ٢٠١٥ للمشاركين في اللقاء الذي نظّمه المجلس البابوي "Cor Unum" حول الأزمة الإنسانية في الشرق الأوسط، ذكر البابا فرنسيس أيضًا أن هناك العديد من ضحايا النزاع، وقال: "في سوريا والعراق، يدمّر الشر المباني والبنى التحتية، لكنه قبل كل شيء يدمر ضمير الإنسان". ٢٠١٤ هو العام الذي فُتحت فيه صفحة مأساويّة أخرى طُبعت بأعمال عنف لا توصف في سوريا والعراق، مع إنشاء الدولة الإسلامية. ففي التاسع والعشرين من حزيران يونيو عام ٢٠١٤، أعلن أبو بكر البغدادي ولادة خلافة من مسجد النوري في الموصل في منطقة تشمل شمال شرق سوريا والمنطقة الغربية من العراق. وقد تم اختيار مدينة الرقة في شمال شرق سوريا كعاصمة لها. لكن وقبل شهر من ولادة ما يسمى بالدولة الإسلامية، كان الوضع متفجرًا، إذ كانت قد اشتعلت منذ بعض الوقت الاشتباكات والصراعات في مناطق شاسعة من الشرق الأوسط. وفي الثلاثين من أيار مايو عام ٢٠١٤، استقبل البابا المشاركين في الاجتماع التنسيقي بين المنظمات الخيرية الكاثوليكية العاملة في سياق الأزمة السورية وقال: "أطلب من جميع الأطراف أن تسمح فورًا، بالنظر إلى الخير العام، بعمل المساعدات الإنسانية وأن تعمل بأسرع وقت ممكن على إسكات الأسلحة وتلتزم بالتفاوض، واضعة في المقام الأول خير سوريا، وجميع سكانها، حتى الذين اضطروا للأسف إلى اللجوء إلى مكان آخر والذين لديهم الحق في العودة إلى وطنهم في أقرب وقت. أفكر بشكل خاص في الجماعات المسيحية العزيزة، وجه كنيسة تتألم وترجو". لقد كانت المصالحة على الدوام هي العطيّة التي يطلبها البابا للشعب السوري. ففي عام ٢٠١۳، بعد أيام قليلة من انتخابه حبراً أعظم، وفي رسالته لمدينة روما والعالم بمناسبة عيد الفصح الكبير، طلب البابا فرنسيس السلام لسوريا وقال: "سلام من أجل سوريا الحبيبة، من أجل شعبها المجروح بالنزاع ومن أجل العديد من اللاجئين الذين ينتظرون المساعدة والعزاء. كم من دماء أُهرقت! وكم سنَشهد من آلامٍ قبل التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة؟" سؤال يمكننا أن نربطه بالنداءات العديدة التي أطلقها البابا فرنسيس من أجل سوريا، مثل النداء في صلاة التبشير الملائكي في الخامس والعشرين من آب أغسطس عام ٢٠١۳ إذ قال: "أتابع بقلق وبألم كبير تطور الأوضاع في سورية. إن ازدياد أعمال العنف خلال حرب بين الأخوة، وإزاء تكاثر المجازر التي اطلعنا عليها كلنا من خلال الصور الرهيبة التي شاهدناها في الأيام الماضية، يحملني على رفع صوتي مجددا كي يتم إسكات الأسلحة. المصادمات لا تحمل على الأمل في حل المشاكل لأن هذا الأمر يتطلب القدرة على التلاقي والحوار. من صميم القلب، أود أن أعرب عن قربي ـ بواسطة الصلاة والتضامن ـ من جميع ضحايا الصراع وكل المتألمين، خصوصا الأطفال، وأدعو إلى عدم إطفاء شعلة الأمل أبدا. أطلق نداء إلى الجماعة الدولية كي تتحسس هذا الوضع المأساوي وتبذل كل الجهود اللازمة لمساعدة الأمة السورية العزيزة على إيجاد حل لحرب تزرع الدمار والموت".